إن كنتِ من محبات الفنون المعاصرة وتهوين الرسم الواقعي الذي يعكس طبيعة الزمن الراهن الذي نعيش فيه، فلا تفوّتي زيارة مطعم كويا بدبي، لمشاهدة أعمال الرسامة اللبنانية العالمية سوزي فاضل ناصيف التي تنظّم معرضاً بعنوان "أوركسترا" يتزامن مع مبادرة "موفمبر"، ويهدف إلى الإسهام في جهود التوعية بصحة الرجل لهذه المبادرة. ويسلّط المعرض الضوء على العديد من الشخصيات والأسماء البارزة في عالم الفن أمثال فريدا كاهلو، وسيلفادور دالي، وكارل لاجيرفيلد. وبهدف الإسهام في جهود التوعية الخاصة بصحة الرجال خلال "موفمبر"، ستجسد اللوحات والأعمال الفنية صوراً لرجال بشوارب– مع إلقاء الضوء على العديد من الشخصيات المرموقة من الرجال والنساء على حد سواء.
للتعرف أكثر على سوزي وعلى أعمالها المعروضة في كويا، أجرينا معها الحوار التالي:
أعمالك تبدو تجريدية في الوقت الذي تأتي فيه مستوحاة من شخصيات معروفة. لماذا اخترتِ هذه الشخصيات بالتحديد؟ ما الذي تعنيه لكِ؟

اخترت عمداً بعض الشخصيات على وجه الخصوص لأنني أعتقد أنها كانت ولا تزال مصدر إلهام قوي. على سبيل المثال، دالي هو ملك السريالية، وعمله عبقري، نجح في مناقشة العديد من الجوانب البشرية في فنه وترجمها في الألوان والخيال! إنه يجعلني أحلم!
أما فريدا، فكانت تستخدم الرسم للتعبير بعمق عن حياتها المؤلمة والمتطرفة من خلال صورتها الذاتية. واخترت العديد من الرموز الأخرى التي تركت أثراً كبيراً في عالمنا حتى اليوم والتي بالتأكيد لا يمكننا تجاهلها! إنها شخصيات خالدة!
لماذا المشاركة في مبادرة تُعنى بصحة الرجل؟ ما هي رسالتك من وراء هذه المشاركة؟ هل تشعرين بأن الرجال باتوا يعانون من التمييز المعاكس، بعدما أصبح العالم كله يركّز على حقوق المرأة وعلى تعزيز قوتها ومكانتها؟
أؤمن بأن "موفمبر" هي مبادرة عظيمة لجذب الانتباه إلى قضايا الصحة العقلية والبدنية للرجال. أشعر أنه في مجتمع اليوم لا يزال يُتوقّع من الرجال أن يظهروا بصورة الأقوياء، وأن القلق والإجهاد والخوف عواطف لا يُسمح لهم بالتعبير عنها. وبالنسبة إلى بعض الرجال، حتى الحديث عن المشاعر يمكن أن يولّد لديهم شعوراً بعدم الراحة، وهذا هو السبب الرئيس لحقيقة أن معظم حالات الانتحار عالمياَ هي من قبل الرجال. منظمات مثل مؤسسة موفمبر تعطي الفرصة للرجال لفهم هذا النوع من المشاعر التي يشعرون بها في بعض الأحيان، وأنها ليست أمراً يستدعي الخجل، إن طلب المساعدة يمكن أن ينقذ حياة إنسان.

ومثلما نولي اهتماماً كبيراً في تشرين الأول/أكتوبر بشأن مسألة سرطان الثدي والرعاية الطبية للمرأة، فإن الرجال يستحقون كل الاهتمام أيضاً، لأنهم يصابون بالمرض أيضاً، وهم بحاجة إلى الرعاية مثل النساء.
ما هي المدرسة الفنية التي تشعرين أنها الأقرب إلى قلبك وإلى ذوقك؟
أنا مفتونة بالسريالية، لأنني أشعر أننا مكونون من عنصرين: الواقع والحلم. عندما ننام، نحلم وبعض الأحلام يمكن أن تكون غريبة أو مشكوك فيها ومختلفة تماماً عن واقعنا؛ هذا ما أحب أن أرسمه في عملي، العلاقة السريالية الشاعرية الموجودة بين هذين العالمين.
هذا هو سبب انجذابي إلى عمل دالي على وجه الخصوص. في الوقت نفسه يمكن أن أكون مثل شهرزاد، راوية حكايات، إذ تسحرني قصص الناس وحتى تعابير وجوههم وردود فعلهم في حالات مختلفة، سواء في المآسي أو الكوميديا....
أجمع في عقلي النظرات والتعبيرات المختلفة وأجسّدها في لوحاتي مع لمسة من السريالية بهدف إيقاظ المشاعر في المشاهد ولرواية حكاية مختلفة في كل لوحة على وجه التحديد. الحياة هي مدرستي الفنية.
يُقال إن الفن هو وليد الزمن الذي يعيش فيه. كيف تنظرين إلى الزمن الراهن؟
وكيف تستغلّين فنك للتعبير عن أزماته وعن إنجازاته على حد سواء؟
كما ذكرت، إن لوحاتي مستوحاة تماماً من "عرض واقعنا الحي" اليومي الذي يمكن أن يكون قراءة مقالة أو مشاهدة الأخبار أو الاستماع إلى خطاب أو التحدث مع شخص ما...
نعم تتكاثر الأحداث كل يوم في عالمنا، حلقة مفرغة من المآسي والكوميديا، وأنا كفنانة، أترجمها أحياناً في وجه، أو شخصية أو عبر استخدام لون معيّن لخلق بيان فني يستند إلى هذا الواقع!
كيف تصفين علاقتك بالريشة والألوان؟ هناك ميل كبير حالياً نحو الأعمال الرقمية. هل ستقدمين أعمالاً مماثلة؟
لقد بدأت مسيرتي كفنانة من خلال الفن الرقمي، كان عرضي الأول عبارة عن سلسلة من الأعمال الفنية الرقمية، حيث كان الكمبيوتر فرشاتي، لوحتي و قماشي. كانت بداية ناجحة نوعاً ما وقابلة للنقاش، فكان عليّ أن أثبت للكثيرين أن الفن ليس وسيلة مادية، بل هو تعبير عاطفي: أي عند النظر إلى لوحة أو صورة ما، المهم هو كيف تجعلك تشعرين بغض النظر كيف صُنعت أو استُخدمت!
ولكن يوم أخذت الحرية ومسكت الفرشاة، غمست أصابعي في أنابيب الطلاء واستكشفت القماش جسدياً مع كل القوام وتأثيرات الألوان حتى رائحة الطلاء القوية، شهدت بُعداً مختلفاً في الفن! نشأت بيننا علاقة حب عميقة! إنها حرية التعبير النقية والقوية جداً التي أشعر بها عندما أواجه القماش الأبيض الذي ينتظر أن يُعطي الحياة بالألوان والقوام! إنها تجربة كاملة ومقدسة! ولم أتردد منذ تلك اللحظة لترك الفن الرقمي ورائي وسلّمت نفسي للألوان والفرش الفعلية والتجربة الفنية بكاملها.
الكثير من الرسامين يجدون صعوبة تحديد متى تصبح لوحاتهم منجزة. أي إنهم يشعرون دائماً بالحاجة إلى إإضافة المزيد من العناصر إليها. هل تواجهين نفس التجربة؟
كل قصة تقرئينها أو فيلم تشاهدينه هناك "النهاية".. نفس الأمر يُطبق في اللوحة، على الأقل بالنسبة إلي! بطريقة ما تسألني اللوحة أو تصرخ في وجهي في مرحلة ما للتوقف! هناك دائما ًمحادثة بين الفنان واللوحة... حوار، نقاش، اجتماع وبطريقة ما يجب أن تنتهي!
كيف يكون شعورك عندما تشاهدين لوحاتك معلقة في المعارض أو في المنازل؟
مذهل! الفن هو مجال روحي ينشأ عبر وسائل مادية وعندما أرى لوحاتي في المنازل وصالات العرض أشعر كما لو أني أتقاسم قطعة من روحي مع عالمهم. إنه شعور عميق وإلهي!
ما الذي يلهمك أكثر، المدن، الناس، الطبيعة، المشاعر؟
كل شيء يُعد مصدر إلهام بالنسبة إلي، لأن كل شيء له سببه وآثاره.. إن فكرنا في ذلك، لكل مدينة طاقة وثقافة معيّنة وتوحي لنا بمزاج وأجواء خاصة، تماماً مثل الطبيعة ومواسمها وألوانها، والناس وحالاتهم ومشاعرهم! انه إلهام واحد وليد كل هذه المؤثرات مجتمعة معاَ.
ما هي الخطوة المقبلة لك؟
أركز حالياً على المعارض العالمية ، وسأعرض قريباً في نيويورك. كما أُّحضّر لأعمال فنية أخرى سأُعلن عنها قريباَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق